الاثنين، 24 ديسمبر 2012

عدل يتَخَفَّى، يكاد يتلاشى




تصفحت رسائلي المنشورة حتى الآن، فوجدت اختلافاً كبيراً بين قديم المدونة وجديدها..!

مراحل نضج الأحرف لدي باتَتْ جليةً واضحة...

ولا أُخفي ما وجدت في نفسي، فقد شعرت بحماقة ما كنت أكتب، ليس كله، ولكن بعضاً منه...

وعموماً، تبقى شذرات كانت تحكي واقعاً كنت أعيشه أو أتقمص عيشه في تلكم الرسائل...

القراءة أحد اسباب هذا النضج، ناهيك عن لذعات الحياة المتكررة، تلك التي نستقي منها البصيرة بمرارة!.

--------------------

المقدمة...
ما بال الكتب تبدأ بها، وما بال رسائلنا لا يستهل الحرف فيها إلا بفاتحة رخيصة، تُتَوِّج الهامة وتُمحق بأنواع الغلو الموصوف...

الشيء، يُعرف بالمضمون لا الفواتح والعناوين!

وتباً لمَثلٍ سائدٍ يقول "الكتاب من عنوانه يبان" 

--------------------

البداية ليست هنا، بل هي أول الرسالة لا أنتقص منها المضمون شيءَ!

معزوفات حماسية باتت كثيرة، مختلفة في الكلمات، إلا أنها تدور في المضمار ذاته، ذو النهاية الواحدة...

كتبٌ غالية الثمن، ضعيفة المضمون هشه...

تُحلق بالقاريء إلا سماوات طباقاً من ذاك الحماس المتزايد المغشوش...

بعدياً عن الموضوعية، تتكلف بنسج الكلمات والعبارات لتخلق مارداً عملاقاً لا يلبث حتى يَتَكبل بقيود حقيقة الحياة التي لا تشتهيها النفس..!

كنت مولعاً في صغري بتلك الكتب التجارية، ذات العناوين البرَّاقة..

إلا أن ولعي ضل يخبو ويندثر، بعد أن عايش واقعاً مغايراً لا تحكيه تلك الخزعبلات الحماسية...

زعموا أن للجهد نتيجة تقابله لا تبخس من العطاء شيء،، دافع ومدفوع والعدل فيه سمة،

زعموا أن النجاحات لا تأتي إلا بعرق وتعب وراحة تُدفع وتُستهلك،

وأزعمُ أنا أيضاً أن كل ذلك ترهات لا تسمن بل وتزيد الجوع،

الواقع مختلف، والوصول إلى الوجاهة في الحياة لا يخضع لقوانين العدل أبداً،

وتحقيق المُراد لا يأتي بالرغبة والعمل فقط، بل هناك عوامل أُخرى لها من الأثر ما يزيد على بذل الجهد والعرق..

هناك من مُهِّدت لهم الطرق، وهُدمت لهم عقبات الوصول، أيدايهم تحصد المحصول لا تدفع ثمن له...

أذكر أحد الطلبة متفوقين في مرحلته الثانوية، تحصيله الدراسي قارب الكمال وحقاً كنت مُتفائلاً به.

انتهت الثنوية ومضى الكل في طريقه وبعد عدة سنوات صادفته في أحد محلات الاجهزة الالكترونية، يبيع ويمتهن الجدل في بيعه،

الحقيقة لم استغرب كثيراً حاله، فقد كان من جنسية عربية لا تسمح له باستكمال الدراسة في إحدى جامعات السعودية..

على النقيض تماما، سُعوديٌ فاشل قد تشبع بملهيات الحياة ومتاعها، استكمل دراسته ووآصل إلى أعلى المراتب التي لم يكن يوماً أهلاً لها..

والواقع غني بالشواهد والأمثلة!!

---------------------

أجد العدل منقوصاً في الحياة، بل أن اختلال الكِففِ في هذه الدنيا سمةٌ قد عُرفت بها.

الخلاصة:
قد يكون العدل متخفياً هنا، وقد يكون أمراً لا تدركه عقول البشر،
وعموماً...
يسرف المخلوق في تفسير وتأويل الحقيقة، حتى يصل في النهاية إلى تحريف وخلق معاني لا تعكس سوى صورة كاذبة ترغبها نفسه!

كن بخير..!



هناك 11 تعليقًا:

  1. بغض النظر عن من هو الكاتب ذو الشخصيه الرائعة والأسلوب المتميز و بغض النظر عن حروف كلماته المتآكله والمتعاكسه التي تضفي على كتاباته شيئا من التميز بعفويه دون قصد منه او تعمد .
    سأبدي رأيي في المقال بعد إذن الكاتب ..مع العلم أني لست كاتبه ولكني قارئه متذوقه من جمهور متابعي ابداعاته ..
    العنوان واضح جداً ..اعتقدت قبل البدء بالقراءة أن الكاتب سيحكي قصه لها علاقه بالعنوان او سيتذمر من حادثه واجهته ..
    لكن الواقع غير ذلك ..قرأت المقدمه ..اعجبتني وشدني فيها تداخل الكلمات والانتقال من نقطه لأخرى بسلاسه دون الشعور بالاختلاف ..
    بالرغم من أني واجهت صعوبة في فهم معاني بعض الكلمات ..لكن هذا يدل على تمكن الكاتب ....
    الى ان وصلت الى لب الموضوع وكان هو العنوان الذي انتظرته ..ذكرت حادثه لن اقول انها بسيطه ولكنها معروفه وليست شيئا جديدا لكن حاولت بأسلوبك ان تضخم مدى اهمية هذه الحادثه ..
    أخيرا خاتمه بكلمات جميله وفيها تذمر من ( بالعدل يستقيم ميزان الحياة) التي هي مجرد كلمتين نرددها بدون العمل بها و تطبيقها
    مقاله جميله و مميزه رغم بساطتها
    أهنئ الكاتب عليها واتمنى له التوفيق ..
    تقبل مروري ..و شكرًا

    ردحذف
    الردود
    1. "غير معروف"
      أكرمتني بجميل مدحكِ وثنائكِ،
      وسُعدتُ حقاً بمتاعبتكِ لحرفي وقرأتكِ له..
      مهما شاخت المدونة، تبقى صفحات هاويٍ وجد في الكتابة مُتنفساً يطل عليه بين فينة وأخرى..

      أما العدل فيبقى غاية لا تُدرك...

      مرورك جميل، أسعدني حقاً، وأرجو دوامه.
      كوني بخير

      حذف

  2. _

    لأن الدُنيا كثُرت لهم ، طلبوا المزيد منها !
    وعلاوة على ذالك ، يطلبون الفرص كيفما كانت فتأتيهم على اطباق من ذهب !
    دون أن يتذوقوا معنى الجهد أو السعي في أرض الله ..
    هكذا اختفى العدل

    ..

    غالباً ما أصتدم بأحلامي بجدار الظلم والجور !
    والعدل منطرح في الأسفل يلفظ انفاسه لا حول له ولا قوة !
    وبكل بشاعة الدنيا يأتون ويتحدثون عن مكارم الاخلاق والاقوال !

    كيف لي أن أهنئ بحلم دون أن أتخيل اشكال من وضِعوا على جنبات الطريق
    مدججين باسلحة تقتل اي حلم يرفرف او يولد !
    ثم ننساها كأن لم تكن شيئاً :(

    ..

    مادام الضمير غائباً سيختفي العدل !
    اخشى أن يأتي يوماً نقول به لأحفادنا :
    ( كان في الحياة قوماً يعدلون ، اختفوا بعد أن سُلبت ضمائرهم ) !

    ..

    اللهم لا تُكثر لي من الدُنيا فأطغى ، ولا تقلل لي منها فأنسى
    فإن ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى !

    ..

    لا تكتب عن العدل ، ثم تختمها بِ كونوا بخير !
    لسنا بخير دونه !

    ..





    ردحذف
    الردود
    1. خلود..

      العدل شعار سخيف لحضاراتنا..
      يتشدق بها الكثير، ولكن من فقدوه لديهم على "الاقل" فكرة عن معناه الحقيقي


      يبدو غاية لا تُدرك، ومع ذلك نستمر في طلبه..


      "اللهم لا تُكثر لي من الدُنيا فأطغى ، ولا تقلل لي منها فأنسى
      فإن ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى "

      ألهم امين...

      سُعدتُ بوجودك..
      يعني لي كثيرا
      شكرا خلود

      حذف

  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


    رغم هذا الفرق الذي قد نلاحظه بين كتابات الأمس وما حدث من تطورات في أفكارنا، وأحرفنا .. إلا أننا نصعد لهذا القدر الجميل حين نجرب الكتابة البسيطة أولًا
    لذا فالكتابة القديمة بوقتها كانت مميزة وطالما أدركنا أمور جديدة وكبرت فينا كثيرًا من الأشياء فستكون كتابتنا الجديدة لها ميزة أخرى .. وهذا ما نراه ..
    حقًا كتابة مميزة .. بوركتم
    الأمور كلما كبرنا تتضح أكثر ..
    وندركها بشكل أصعب .. نتفاجأ من سير كثير من الأمور بالرغم ما تحمله من عدم عدل أو منطقية
    رغم ذلك
    الحقائق التي نراها في الحياة دومًا .. مهما بدت قاسية إلا أنه يصاحبها خير لكل شخص منا،
    فالحمد لله على ذلك .. لا أحد يعرف ما هو الخير أو الحكمة التي يختارها الله لنا في كل مرحلة
    إلا أنه من المميز إدراك الأمور .. لنصحح على الأقل أنفسنا ..

    شاكرة لكم أحرفكم .. مباركين يارب
    مزيد من الكتابات المميزة..
    ننتظرها بفارغ الصبر

    ردحذف
    الردود
    1. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...

      ونستمر في الكتابة بقرَّاءٍ هم أنتم، من يقرأون ويضعون جميل الحرف تحيةً لأحرف كانت متخفية..
      وليس من قفزة تأخذنا لتطورٍ لا قديم له!

      وجميل ما ذكرتي "الامور كلما كبرنا تتضح أكثر،الأمور كلما كبرنا تتضح أكثر ..
      وندركها بشكل أصعب .. نتفاجأ من سير كثير من الأمور بالرغم ما تحمله من عدم عدل أو منطقية "

      الحمدلله على ذلك،
      والوجع يسقي بصيرتنا، رغم الطريق الشائك المؤلم، يبقى ثمناً قد يبدو غالياً "ويستحق" للوصول إلى الحقيقة..

      شاكر لك قراءتك، وأشكر أكثر حرفك العطر الذي كتبتِ
      بإذن الله، كوني بخير

      ابراهيم

      حذف
    2. عباراتك جميله جداً و ردودك اجمل ....انا لا أتعجب من جمال كلماتك ولا من لباقة ردك ..
      لكن أتعجب في من مثل عمرك و وقتك الممتلئ ان يكون لديه مثل هذا المخزون من الكلمات ( ما شا ءالله ). واعترف انني أحاول قراءتها ٣ مرات لفهم معانيها
      هل لي ان اقول .........>> أحسنت فهذا ليس غريبا عنك فكل من عرفك يشكر ويثني على حسن خلقك و تعاملك
      لدرجة انني تمنيت ان أتعامل معك في كل المجالات
      نصيحة من شخصيه تتمنى لك الخير ...تقدم ولا تيأس من اي شي تود الحصول عليه ..ثابر واسعى ولا تقارن نفسك ب غيرك وانما قارن نفسك ب نفسك
      وانظر لنفسك دائماً بأنك الافضل و قبل كل هذا ضع الله سبحانه امام عينيك اولا وأخيرا ..
      اسمح لي بقول هذا ...ف كلماتك و مدونتك أثارت فيني شيئا لم استطيع كتمانه
      اتمنى لك التوفيق .....دمتم بخير

      حذف
  4. استُهلكت العبارات الإيجابية الجميلة بإسراف، حتى صرنا نعتبرها مثالية وعديمة فائدة في لحظات حاجتنا إليها. لي تعليق على جانب مما كتبت وإن لم يكن في صلب الموضوع، أتفق معك فالكثير من الكتب التجارية تردد نفس الكلمات وتتأنق بعبارات براقة لا تعدو كونها عموميات وتفتقر إلى محتوى عمليّ يقف بوضوح أمام واقع الحَياة، وأصارحك، في كثير من الأحيان تثير حنقي تلك الكتابات، لكنني قررت ألا أرفضها تماماً، فمن بين السّطور لربّما أجد ما يصفني أو يسرد شيئاً من حياتي، فآخذ به. هناك كلمات بسيطة جداً، حفرت في الذاكرة، فرأيتُها لاحقاً ما يساندني، وكلماتٌ تشبثت بها في لحظات ضعفٍ فكانت ما ينقذني من قرارٍ طائش، وأخرى غيّرت في ذاتي ما لم ألتفت له مسبقاً. بل هُناك ما خالفته تماماً لكنه جعلني أفهم شيئاً مما حولي أو أصنع نظرتي الخاصّة! كما تعلم سواءً كان ما يُقرأ تحفيزياً أو غيره، القارئ -وليس الكاتب ولا المكتوب- هو من يحدد ما الذي يتلقاه وكيف يأخذ به، ليسَ بالضرورة أن نقتنع أو نتشرب كلّ شيء! عذراً أطلت وكل ما أردت قوله: وإن أزعجك ذلك العنوان البرَّاق، قد لا يكون شراؤه فكرة سيئة كلياً :)

    توكل على الله وكن بخير

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الغير معروف،،
      بل تعليقك في صلب الموضوع ولُبه...
      قد أتفق معك بعض الشيء، فالرسائل الإجابية قد تنبعث لنا في لحظة ضعف من حيث لا نحتسب،
      ولكن أرى أن كثرة المساس تميت الاحساس،
      فالشعور الاجابي كثيراً ما يكون وقتياً، عندما تغرق النفس وتبحث عن قشة!

      قد لا أرفض كتب تطوير الذات والبحث عن الاجابية أبداً، إلا أن الثقة فُقدت بكثيرٍ من كاتبيها..

      هناك كتاب للدكتور عبدالكريم بكار، يتحدث عن التطوير والاجابية، ولكن بحدودٍ موضوعيةٍ يشوبها بريقٌ مقبول..
      أنصح بالقراءة له..

      اعتذر ي صاحبي كثيراً على التأخر بالرد،
      والحقيقة لا عذر لي، سوى أن مشاغل الحياة أنهكتني..

      شكراً لك يا وفي =)

      حذف
  5. لست اول المهنئين ..لكني ارقهم كلمه واصدقهم مشاعر وألطفهم عبارة
    انتقي احرفي بكل إتقان ..ليس لأني مبدع الكلمه !
    بل لأني سأوجهها لمن يستحقها..
    ..الذي تطير حروف كلماتي عند وصفه و يتعثر قلمي عند كتابة اول حروف اسمه
    لكن بوسعي ان اقول ( كل عام وانت بخير )

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الغير معرف،
      قد تجد في تأخري بالرد قلة ذوقٍ وأنت في ذلك معذور،
      ولكن أرجو منك أن تقبل أسفي على التأخر في رد تهنئتك لي..

      حرفك جميل، ومدادك سلس..
      اكرمتني وجعلت التاج على رأسي..

      كل عام وأنت إلى الله أقرب...
      أخوك إبراهيم

      حذف