مقطع قبل البداية....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
أتمنى أن أجدكم وأنتم بأتم صحة وعافية,,
إستمراراً لما كنت قد بدأت به من سلسلة الإضطرابات النفسية, أكتب اليوم عن إضطراب الفصام (schizophrenia)-شكيزوفرينيا-, والذي أرى أنه من أهم الإضطرابات النفسية. والتي لم يسلم من المفاهيم الخاطئة المتولدة حوله.
حديثنا اليوم سوف يطول, وسوف أستشهد بالعديد من الحقائق الطبية وغيرها, وذلك فقط للخروج من النطاق الروتيني والحديث الجاف الممل.
لا أخفيكم سراً حتى الأن لم أضع أي خطة للحديث ولا للمواضيع التي سوف أتطرق إليها, سوف أرتجل واتمنى أن أوفق في إرتجالي =)
حسناً,,
في البداية سوف نلقي الضوء قليلاً على تركيب الجهاز العصبي.
يتكون الجهاز العصبي من جزئين رئيسيين, الجهاز العصبي المركزي والذي يتكون من الدماغ والحبل الشوكي, والجهاز العصبي الطرفي والذي يتكون من الاعصاب الطرفية, هناك جزء أخر يعرف بالجهاز العصبي الذاتي وهو الجزء الذي يتحكم بالوضائف الجسم الذاتية, مثل نبض القلب والتنفس وحركة الامعاء وإفرازات الجسم وغيرها.
ما يهمنا هو الجهاز العصبي المركزي,
كما ذكرنا يتكون من جزئين, هما الدماغ والحبل الشوكي.
وحدة تكوين هذا الجهاز هي الخلية العصبية, والتي تتكون من جسم الخلية والمحور العصبي,
أجسام الخلية تتمركز في الدماغ وتظهر باللون الرمادي, أما الحور العصبي فهو عبارة عن التوصيلات التي تربط كل جسم خلية بالأخرى وتظهر باللون الابيض.
إذا لدينا جزئين في الدماغ: الجزء الرمادي وهي اجسم الخلية العصبية, والأخر هو الجزء الأبيض وهي المحاور العصبية للخلية العصبية والتي تربط الخلايا فيما بينها وأيضاً تربط الخلية بالأعضاء.
هذه خلية عصبية, نجد جسم الخلية في الجزء الأيسر, ويتفرع منه محور الخلية العصبية والذي ينتهي بالزوائد الشجرية والتي ترتبط بجسم خلية عبية أخر, او عضو.
وهذه صورة لقطع عرضي من دماغ حقيقي, نرى بوضوح الجزء الابيض والجزء الرمادي الذي تحدثنا عنهما.
ولمزيد من الإضاح, الجزء الرمادي(اجسام الخلية) هي وحدة المعالجة, أما الجزء الأبيض (المحاور العصبية) هي وحدة التواصل.
تجب الإشارة إلى أن هناك سائل نخاعي دماغي, يجري في مجرى مغلق في الدماغ والحبل الشوكي,
وهو موضح في المقطع القادم...
هذا السائل له وضائف عديدة, ولكن لا يتسنى ذكرها هنا. سبب ذكري لهذا السائل أن المجرى يكون متوسعاً عند مرضى الفصام, وهذا يكون على حساب الجزء الرمادي والابيض في الدماغ, سوف اقوم بشرح ذلك لاحقاً =)
جميع ما ذكرت ينطبق على الحبل الشوكي.
----------------------
بعد ذكر هذه المقدمة البسيطة والتي لا تذكر مقارنة بما يحمله هذا الجهاز من عجائب وتعقيد لم يصل العلم إليها حتى الآن, نتجه إلى موضوعنا الأساسي "الفصام"
يعتقد الكثر وهم معذرون في إعتقادهم بأن الفصام ما هو إلا إزدواجية في الشخصية. وهذا ما صوره الإعلام وبعض الأفلام.
ولكن الامر ليس كذلك, بل هو يختلف إختلافاً كلياً.
وما بُلِغ بالإشارة به في الافلام هو ما يعرف بتعدد الشخصية الإنفصامية, وهذه حالة نادرة الحدوث جداً, وليست محل حديث هنا.
إذاً الفصام...
ما هو؟
ما هي أنواعه؟
ما هي أعراضه؟
من الذي يُصاب به؟
ما هو خط سير المرض؟
من هم الاكثر عرضة إصابة به؟
كيف هو العلاج؟
كيف يكون حال المريض؟
نريد أن نرى شخص حقيقياً مصاباً به!
جميع هذه الإسئلة والتطلعات قد تخطر بالبال عند ذكر هذا المرض...وسوف أحاول الاجابة عليها, سائلاً من المولى التوفيق في ذلك.
الفصام,,هو مرض نفسي عضوي, يشتمل على مجموعة من الاعراض التي نرمز لها بالأعراض السالبة والموجبة. لا توجد صفة معينة تعتبر خاصة للمرض, وتختلف الحالة السريرة للمرض من شخص لأخر,ومع ذلك قد نصف الحاله العامة للمريض بكوكبة من الشذوذ في الافكار والعواطف والسلوك.
عندما ذكرت الأعراض السالبة والموجبة, كنت أعني تلك الاعراض التي تكتسب أو الوضائف التي تفقد...
الاعراض الموجبة وتشمل: الهلوسة, الأوهام, تفكير غريب, وأفكار شاذة.
الأعراض السالبة وتشمل: برود عاطفي حيث لا يتفاعل مع الأحداث من حوله أو يضحك في مواقف محزنه أو يبكي في أوقات مفرحة, قلة في التركيز, تأثر في وضائف الكلام, قلة الإهتمام واللامبالة, هناك أيضاً عزلة وإنفصال عن المجتمع, وعدم الاهتمام بالنظافة الشخصية والمظهر الخارجي بشكل واضح,
**قد يصعب شرح الأعراض بشكل واضح, وذلك لأنها نفسية غير ملموسة وهي محصورة على المصاب نفسه.
فيما يخص الأعراض الموجبة, فهناك بعض التفصيل يجب ذكره هنا.
اولاً: الهلوسة...
هي إدراكات حسية من دون أي حافز خارجي لها.
هناك 4 انواع من الهلوسات,
الهلوسة السمعية: وغالباً ما تكون عند مرضى الفصام..
الهلوسة المرئية: يصاب بها الأشخاص الذين لديهم تسمم الادوية او تعاطي المخدرات.
الهلوسة الشمية او الرائحة: وهي تكون عند الاشخاص المصابين بالصرع, تعرف بالـ(أورى) وهي إحساس بشعر به المريض غالباً ما يسبق نوبة الصرع.
واخيراً الهلوسة اللمسية: وقد تكون احد أعراض التوقف عن تعاطي الكوكايين او الكحول او المخدرات بشكل عام.
**هذا لا ينفي وجود أي نوع من الهلوسة في الفصام.
ثانياً: الأوهام...
هي معتقدات وافكار ثابته وغير قابلة للتغيير, أي أن الفكرة ناشبه في راسه ولو حجة البقرة على قرونها لن يغيرها ^_^
هناك أيضاً انواع..
الاوهام الشكاكة: وهي إعتقدات غير عقلانية,,(مثل إنه يقول أن الـCIA يلحقوني).
فكرة المرجع: يعتقد أن بعض الأحداث موجة بشكل خاص له (مثل إنه يقول الرسول جالس يتلكم لي ويقول شي من خلال البرنامج الفلنيفي التلفزيون, او أنه يشوف كتابة على الجدران ويقول أنا المقصود فيها).
الفكرة الإذاعية: وهي أن يعتقد أن افكاره يمكن أن يسمعها شخص أخر.
اوهام العظمة: يعتقد إنه شخص خارق او شخصية هامة (مثل يطب من السطح على إنه سوبرمان, ولا ينشب نفسه بالجدار على إنه سبيدرمان, ولا إنه يقول انا الرسول او غيره)
^_^
وأخيراً وهم الإحساس بالذنب: وهو أن يلوم نفسه على أحداث لا تتعلق به, (كأن يعتقد مثلا أن الحرب العالمية كانت بسببه او أن حدوث الفيضان والكارثة البيئية كان بسببه).
هناك 3 مراحل للمرض,,,
المرحلة البدائية, وهي تتسم بإنخفاض في الاداء والوضائف الذي يسبق مرحلة الذُهان, هناك إنفصال عن المجتمع, وقد يكون هناك إهتمام مفاجئ بالدين أو بعض الامور الغامضة.
المرحلة الُهانية, وهي تتسم بوجود أوهام وهلوسات, وعدم إنتظام في الافكار والحديث.
المرحلة المتبقية (احب ان اسميها مرحلة الما بين), وهي المرحلة التي تكون ما بين نوبات الذُهان, وتتسم بالأعراض السالبة. قد يستمر حدوث نوبات الهوس للمريض حتى بعد العلاج.
أسباب المرض...
لنتحدث قليلاً عن مسببات المرض, وبعض النظريات المطروحة في ذلك...
بالرغم من كثرة النظرية المطروحة في هذا الشأن إلا أن المسبب الحقيقي لهذا المرض لا يزال مجهول.
هناك دراسات كثيرة أكدت إرتباط الإصابة بالجانب الجيني, حيث وجدت أن نسبة إصابة التوائم المتشابه إذا كان احدهم مصاب بالمرض تصل إلى 48% بينما هي 17% عند التوائم الغير متشابهه.
و 6% إذا كان احد الوالدين مصاب.
وفي الصورة التالية, وضِعت نسبة الإصابة المحتملة وإذا كان هناك تاريخ إصابة في العائلة.
هناك أيضاً عوامل بيئية وإجتماعية قد تحفز ظهور المرض عند الذين لديهم قابلية للإصابة به,
فالأطفال مثلا الذين تعرضوا لحالات إعتداء سواء كان جنسي او جسدي ترتفع النسبة عندهم في الاصابة بالمرض, هناك أيضاً علاقة بين مستوى المعيشة والمرض, فالأشخاص الذين يعيشون في اماكن فقيره او سيئة ترتفع لديهم النسبة ايضاً.
وجد لسبب غير معروف أن الاطفال الذين يولدون في فصل الشتاء او بداية الربيع تكون لديهم نسبة الاصابة على (قد يكون ذلك بسبب كثرة الإلتهابات الفيروسية في ذلك الوقت)
تجب الاشارة إلى أنه لم تثبت أي علاقة بين طريقة معاملة الابوان لأبناهم و نسبة الاصابة المرض, ومع ذلك فالاشخاص الذي لديهم
اباء متعاونين هم فضل من اولئك للذين يملكون اباء صارمين.
دراسات عديدة أثبت أن تعاطي بعض المخدرات تزيد نسبة الاصابة بالمرض بشكل كبير, كتعاطي الحشيش والكوكاين والامفتمين (الكيبتاجون).
وجدت دراسة أن نصف المصابين بالفصام يتعاطون الكحول, ودراسة أخرى أكدت على أن تعاطي الحشيش يزيد نسبة الاصابة بثلاث أو اربعة أضعاف.
هناك عوامل أخرى في مرحلة نمو الجنين (أثناء الحمل), قد يكون للعدوات البكتيرية او فيروسية دور في اصابة الطفل بالفصام. كما أن إنخفاض معدل الاكسجين قد يسبب الفصام, ايضاً للضغط النفسي والسوء التغذية يدٌ في اصابة الطفل ايضاً.
ومع كل هذه العوامل التي قد يكون لها دور في الاصابة, ما يزال المسبب الرئيسي مبهماً, إن الأمر اشبه بكوكبة من العوامل, بإجتماعها تحدث الاصابة.
أحب أن اشير إلا أن نسبة الإصابة بالفصام هي تزيد عند الرجال بـ 1,4 مقارنةً بالنساء. كما أن الاعراض تظهر أبكر عند الرجال, تقريباً 20 الى 28 عاماً عند الرجال, و26 إلى 32 عاماً عند النساء.
كما أن نسبة الاصابة بهذا المرض في العالم تتراوح من 1% إلى أعلى من ذلك في بعض المناطق.
----------------------
ميكانزم المرض (او طريقة المرض)
هناك عدة نظريات تشرح كيفية المرض, من أهم النظريات والتي يعالج المريض بناءً عليها هي نظرية زيادة الدوبأمين, الدوبامين هو هرمون محفز في الجهاز العصبي المركزي. لا يسع المجال شرحه بالتفصيل, ولكن ما يهمنا هو أمران...
أولاً: وجد ان الادوية التي تقلل هذا الهرمون تقلل من حدة عراض المرض وهذا يثبت شيء من صحة النظرية, كما أن تعاطي الأمفتامين (الكبتاجون) والذي يزيد مستوى الدوبأمين في الدماغ يسبب اعراض شبيه بعراض الفصام.
ثانياً: عندما نستخدم هذه الادوية في العلاج فيجب علاج الاعراض المصاحبة له, وهي أعراض مشابهه لأعراض مرض باركنسون (المرض المصاب به المالكم محمد علي كلاي) وذلك لان هذه الادوية تقلل الدوبأمين وهو ما يحدث في مرض الباركنسون والذي يكون فيه موت للخلايا المفرزه لهذا الهرمون.
وجود أيضاً نقص في حجم الدماغ عند المصابين, فلو نظرنا لصورة الاشعة التاليه
هذه اشعو لتوؤمين متماثلين, واحد مصاب بالمرض والاخر معافا, نجد تضخم في حجم الأذين الدماغي والذي يكون فيه السائل الشوكي الدماغي والذي يكون على حساب الدامغ نفسه.
وهذه اشعة رنين مغناطيسي توضح نسبة فقدان الجزء الرمادي فيالدماغ, (للأسف محسوبكم فيه عمى اللوان فما اقدر اشرح الصورة, لكن لو قريتوا الي فيها راح تفهمونها.)
التشخيص:
التشخيص جداً صعب, وقد يستغرق مدة لتأكيده,
هناك عدة معايير للتشخيص,,
اولاً: يجب أن يعاني مصا على الاقل لمدة شهر دون إنقطاع 2 أو اكثر من لتالي:
1-هلوسة.
2-اوهام.
3-خلل في وضائف الكلام.
4-خلل في المظهر, او مظهر متخشب.
5-الاعراض السلبية.
ثانياً: يجب أن يكون هناك خلل واضح في الإرتباطه بالمجتمع, او الوضيفة.
ثالثاً: مدة المرض يجب أن تستمر على الاقل لمدة 6 اشهر.
رابعاً: الاعراض ليست بسبب مشكلة مرضية او تعاطي ادوية.
انواع الفصام:
هناك 5 انواع في هذا المرض...
اولاً: النوع الشكاك او الحذر, والمرضى هنا افضل من غيرهم, كما انهم اكثر تأقلم في العمل والحياة, وغالباً ما تكون الاصابة في سن متأخرة.
هناك هلوسات وأواهم, ولكن يجب أن لا يكون هناك مشاكل في التفكير او الحديث او الاعراض السلبية بشكل عام.
ثانياً: النوع الغير منظم, هناك إنحدار كبير في الوضائف, وغالباً ما تكون بداية المرض مبكرة,
هناك خلل في وضائف اللكلام.
خلل في السلوكيات.
وبرود وتبلد في المشاعر والاحاسيس (الاعارض السالبة)
ثالثاً: النوع المتخشب, وهو نوع نادر, يجب أن تتواجد الاعراض التالية في المصاب لتشخيصه بهذا النوع.(مقطع)
1-انعدام الحركة.
2-حركات كثيرة لا تهدف لأي شيء.
3-تكرار كلمات او حركات .
4-اعراض سالبة(ولكن بشكل كبير جداً)
5-(اقدر اثبته على اي حركه, مثلا ارفع يده واخليه يركع ويحط يده الثانيه فوق راسه, ويثبت عليها ولا يترحك, مع ان الحركه مره صعبه لكن تصير عندهم مرونه عجيبه وقدره تحمل كبيره)<<<<ما اعرف اشرحها ببالفصحى ×_×
رابعاً: نوع غير مصنف,يعني فحطوا فيه ولا عرفوا كيف يصنفونه.
خامساً: النوع الساكن او الثابت, وهنا المصاب تكون لديه أعراض سالبة مع قلة في وجود الاعراض الموجبة.
-----------------------------
خط سير المرض:
خط سير المرض مزمن ومنحدر, 40 الى 50% تتأثر حياتهم بشكل كبير بعد التشخيص, ولكن 10 الى 20% فقط يعودون الى المجتمع وترجع وضائفهم إلى طبيعتها إلى حدٍ ما وذلك بإستخدام الادوية.
هناك عدة عوامل تأثر على خط سير المرض...
من العوامل الإجابية, والتي تزيد من فرصة تحسن خط سير المرض:
1-البداية المتأخرة للمرض.
2-دعم إجتماعي جيد.
3-وجود الاعراض الموجبة بدل السالبة.
4-وجود اعارض في المزاج.
5-البداية الحادة له.(لاني اقدر اشخصه بسرعه)
6-الاناث =@ (خط سير النساء افضل من الرجال)
7-إنتكاسات قليلة.
اما العوامل السلبية التي تقلل من فرصة تحسن خط سير المرض:
1-البداية المبكرة.
2-خلل في دعم المجتمع.
3-الاعراض السالبة.
4-تاريخ عائلي بالاصابة.
5-بداية تدريجية.
6-الذكور.
7-انتكاسات عديدة.
العلاج:
بالنسبة للعلاج فهو طوييييل, لكن بشكل مبسط عندنا مضادات الذهان ووهي مبنية على نظرية الدوبأمين,
فيه عندنا نوعين, جيل قديم وجيل جديد..
جيل يستخدم في علاج الاعراض السالبة, والجيل الثاني يستخدم في علاج الاهراض الموجبة.
تستخدم مضادات الاكتئاب ايضاً.
ايضاً جلسات العلاج النفسي, جلسات علاج السلوك وتحسينه تعتبر مهم هنا...
العلاج له اعراض جانبيه, ويجب معالجة هذه الاعراض,
صعب اذكرها هنا, وبصراحه مصطل شوي فيها ×_×
واخيراً اتمنى اكون افدت وذكرت اهم النقاط.
حاظر لاي استفسار.
**ما رجعت الموضوع, فأعذروني على الاخطاء الاملائية واللغوية ×_×
موضوعي القادم راح يكون اخر موضوع في سلسة الطب النفسي, راح اكتب عن الهوس,
نراكم على خير =)